اخبار عاجلة

خطط إستراتيجية للتعامل مع الغبار والسافي


كتب ناصر المحيسن – الكويت في الأربعاء 11 يونيو 2025 03:25 صباحاً – كلما انسد الأفق بالغبار، يعود الحديث عن هذه الظاهرة التي لا تكاد تغادر أجواء الكويت حتى تعود إليها، مع ما يرافقها من حالات صحية تتعلق بالتنفس، أضف إلى ذلك ما تتعرض له الطرق الخارجية من طمس لمعالمها مع زحف السافي إليها.

وأرجع باحثون موجات الغبار التي تتعرض لها الكويت إلى ضعف الطبقة السطحية للأرض، بسبب قلة الأمطار في الشتاء الماضي، الذي جعل قشرة الأرض تتحرك مع كل هبة ريح، لتثير الغبار وتنشره في أجواء البلاد، فتقل معه الرؤية الأفقية وتزداد حالات الحساسية.

رئيس قسم الأورام بمستشفى جابر الدكتور فيصل التركيت

الباحث العلمي بمركز أبحاث البيئة والعلوم الحياتية في معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور علي الدوسري، قال إن «الغبار ظاهرة طبيعية وجزء من مكنون النظام الإيكولوجي، والتعامل يكون عبر التكيف معها كظاهرة، والتركيز على الزيادة المطردة للغبار بفعل الأنشطة البشرية على المستويين المحلي الإقليمي»، مشيراً إلى «خطط إستراتيجية للتعامل مع الغبار والسافي، وضعها (معهد الأبحاث) بالتعاون مع جهات حكومية ودولية».

دراسة

وبين الدوسري، في دراسة عن الغبار، خص بها «الراي»، أن «الكويت تسعى للتقليل من هبوب العواصف الغبارية والرملية من خلال محاربة التصحر وزيادة الغطاء النباتي الذي يسهم بشكل كبير في تثبيت التربة ومنع انجرافها مع الرياح، ويكون ذلك من خلال السيطرة على المراعي الطبيعية وتنظيمها وإطلاق حملات شعبية ورسمية لغرض إنعاش الحياة الفطرية بعد دمارها لا سيما حول المصادر الرئيسة للغبار في المنطقة، وتوفير الشتلات والمزروعات لغرسها بشكل نظامي وعمودي على اتجاه الرياح السائدة في المنطقة».

وأشار إلى أن «30 في المئة من الغبار المترسب في المدن يأتي من المساحات الخالية والمهملة»، لافتا إلى أن «دراسات معهد الكويت للأبحاث العلمية منذ العام 1979 وحتى 2025 أثبتت علمياً أن التشجير داخل وحول المناطق السكنية بأشجار مقاومة للجفاف قللت كمية رواسب الغبار بنسبة 26 في المئة من خلال رصد شهري لمدة ثلاث سنوات عبر مقارنة كميات الغبار المتساقط في مصائد الغبار التي وضعت قبل وبعد التشجير».

وذكر أن «عمليات التخضير في المناطق السكنية وحول الشوارع تساعد في تلطيف أجواء المدينة وإيجاد متنزهات يرتادها الناس لقضاء أوقات الراحة والاسترخاء، وهناك تجارب عالمية كثيرة في مجال زراعة المناطق الصحراوية من أجل تثبيت التربة وتحسين المناخ».

مناطق

وكشف أن «محمية صباح الأحمد سجلت أقل المعدلات في كميات الغبار المتصاعد بالمقارنة بالنتائج المحلية والإقليمية والعالمية، كما أن منطقة المطلاع شمالي الجهراء كمثال آخر منطقة خالية من أي غطاء نباتي وصنفت حسب الباحثين كمنطقة شديدة التدهور، ما جعلها مصدراً رئيساً للغبار بالأخص على شمالي مدينة الجهراء».

ولفت إلى أن استهداف المطلاع في مجالات تأهيل الأراضي باستخدام النباتات الفطرية سيكون له كبير الأثر في التقليل من كميات الغبار على مدينة الجهراء، مبينا أن «كميات الغبار المتساقط انخفضت بنسبة وصلت إلى 50 في المئة جنوبي المنطقة التي تنتشر فيها المزارع كمدينة الجهراء بالمقارنة مع كميات الغبار شمالها».

زحف الرمال

وذكر الدوسري، أن «السافي، أو ظاهرة زحف الرمال، على الرغم من مشاكله التي يسببها للدولة من تراكمات على الطرق والمنشآت المدنية والعسكرية وتكلفة إزاحتها، وتسببه بالكثير من الحوادث المرورية كل سنة، إلا أنه يعتبر عاملاً مهماً لتأهيل الأراضي نظراً لاحتوائه على متوسط 4.8 في المئة من الوزن الكلي على مواد عضوية غنية ببذور النباتات الفطرية، كما أثبتته تحاليل معهد الكويت للأبحاث العلمية».

وتابع«السافي مهم في تهيئة البذور للإنبات عبر النقل بفعل الرياح واحتكاكها بالرمال. فعلى سبيل المثال وجود بعض الخنادق والبحيرات النفطية والمناطق المغطاة بالنفط، والمتواجدة في مسارات الرمال ولا سيما في المناقيش وكبد والوفرة كانت أسرع تأهيلاً ومعالجة، حيث وفر السافي بذور نباتات فطرية ما جعل تأهيلها أسرع من غيرها بمراحل».

وبين أنه «في المقابل بعد ردم محاجر الصلبوخ في منطقة اللياح احتاج تأهيلها مدة أطول تصل إلى أكثر من 20 سنة (2003-2023) لأنها ليست في مسارات الرمال (السافي) والغبار اللذين يعتبران رافداً مهماً لبذور النباتات الفطرية وتأهيل الأراضي. لذا من الخطأ إقامة الأحزمة الخضراء على حدود الكويت لأنها تمنع أهم رافد للبذور التي تنتقل مع رمال السافي محلياً وإقليمياً».

حلول وتدابير

وفي ما يتعلق بالحلول والتدابير، قال الدوسري، إن «الكويت، ومن خلال معهد الأبحاث، حرصت على وضع حلول عاجلة وآنية لهذه الظاهرة، بتغطية أهم وسائل التكيف مع ظاهرة الغبار والسافي وخاصة أن الغبار يترسب خلال حركته مرات عدة قبل تحفيز حركته من جديد، فكانت النباتات الفطرية كالعوسج والغردق والإرطة والرمث، الأكثر فاعلية في التحكم في كميات الغبار المتساقط، وتلعب دوراً فاعلاً في منعه من التحرك من جديد بعد ترسبه الأول».

وذكر أن «الدراسات الأخيرة رصدت تناقصاً في معدلات ترسبات الغبار السنوية في منصرف الرياح لمحميتين طبيعيتين، صغيرة (محمية كبد) وكبيرة (محمية صباح الأحمد)، وحزام أخضر (3 صفوف) بنسبة 40 في المئة، و76 في المئة، و26 في المئة على التوالي، وهذا يدل على التأثير الإيجابي للنباتات الفطرية والمستزرعة المقاومة للجفاف كوسائل تكيف فاعلة لمنع تحفيز حركة الغبار بعد ترسبه الأول».

وأشار إلى أن «العاصفة الترابية التي قدمت للكويت في 14 أبريل الماضي، كانت ناتجة من صحراء الأنبار غرب العراق وصحراء شمال . في حين أن العواصف في الصيف تأتي غالباً من ثلاث بؤر رئيسة، في جنوب السهل الفيضي للرافدين، تسهم بمتوسط من 35 إلى 40 في المئة من مجمل العواصف الترابية في المنطقة، وخصوصاً على الكويت، وتأثيراتها الصحية والاقتصادية».

تعاون أممي

وكشف الدوسري عن «تعاون أممي مع مكتب الأمم المتحدة للموائل ووزارة الزراعة والجامعات العراقية، لوضع مقترح علمي لتثبيتها. وبدأ المشروع في مرحلته الأولى وهي تثبيت البؤرة الأكبر، بؤرة شمال الناصرية، في عام 2023 وينتهي في نهاية 2026، ولم تصدر أي عاصفة غبارية من المنطقة من تاريخ بدء المشروع حتى كتابة هذا التقرير».

وذكر أن «المشروع يتم عبر حفر القنوات، من نهر الفرات والنهر الكبير، داخل مناطق المصدر، كما ستتم زراعة الأشجار الفطرية والمقاومة للجفاف كما شجعت المزارعين لزراعة الحنطة، ووفرت الأمن الغذائي لهم وحققت الهدف المنشود بتثبيت بؤرة المصدر للعواصف الترابية، وجرى التوسع في تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول مزارع القمح على ضفاف هذه القنوات».

وأضاف أن «فريق المعهد قام بزيارة لفحص الترب وتجميع عينات الغبار في 50 موقعاً داخل هذه البؤر، واستمرت هذه الزيارة من 13 حتى 22 أبريل الماضي، لمقارنتها مع الغبار المترسب في الكويت وتحديد عناصرها المعدنية والفيزيائية»، مبيناً أن «المشروع سيسهم في تقليل العواصف والغبار، بمعدل من 35 إلى 40 في المئة تقريباً، ما يوفر حماية لما يقرب من 40 مليون نسمة على ضفتي الخليج العربي، وتشمل المناطق المستفيدة جنوب العراق، والأهواز (المحمرة) حتى المنطقة الممتدة إلى بوشهر جنوباً، والكويت، والمنطقة الشرقية في السعودية، وقطر والبحرين والإمارات وأجزاء من عمان».

10 إجراءات مطلوبة

1 – دمج بعض الجهات الحكومية ذات اختصاص تحت مظلة وزير واحد لتسهيل تنفيذ الحلول.

2 – التوافق الحكومي بين جهات الدولة لحل تحديات تراكم الرمال أو السافي على الطرق والمنشئات المدنية والعسكرية.

3 – وجود كود للبناء وخاصة للمدارس يأخذ في عين الاعتبار هذه الظاهرة ومدى خطورتها والتكيف معها.

4 – تطبيق نظم عزل الفصول والمدارس عن ترسبات الغبار وخاصة الأبواب والنوافذ.

5 – أن يكون هناك مواصفات خليجية موحدة خاصة لأجهزة التكييف.

6 – تدريب المهندسين المراقبين في الوزارات المعنية لتطبيق الشروط المرجعية في كود البناء.

7 – استخدام الفلاتر او منقيات الهواء لا تسبب الضوضاء منخفضة الإشعاع الكهرومغناطيسي.

8 – قبل إنشاء المدن الحديثة لا بد من أخذ الأبعاد الإيكولوجية والمورفولوجية في الحسبان.

9 – التعاون الإقليمي من خلال منظمات إقليمية وعالمية مع دول الجوار من أجل تثبيت المصادر الإقليمية وخاصة في جنوب العراق ومنطقة غرب السماوة.

10 – تفعيل موسم سنوي تقيمه الكويت من أجل غرس للنباتات الفطرية بمشاركة مجتمعية لتعرف به الكويت على المستويين الإقليمي والعالمي.

5 أمراض

1 – عدوى العين

2 – أمراض الرئة

3 – أمراض القلب والأوعية الدموية

4 – الوفيات بشكل عام

5 – تأثيره على صحة ما حول الولادة

الحزام الشجري

أكد الدكتور علي الدوسري أنه «لا ينصح علمياً بالأحزمة الخضراء، إلا حول المناطق السكنية وفي نطاق حماية المنشآت أو الطرق السريعة، وخاصة السالمي والبحيث والصبية والوفرة الأكثر تأثراً بالسافي، لأن زراعة شجرة في غير بيئتها تؤثر سلباً على النظام الحيوي حولها فتتغير نوع الحيوانات والزواحف والطيور والحشرات والكائنات الدقيقة ما يخل بالنظام الايكولوجي المحيط بها».

4 مصادر للغبار على الكويت

1 – بؤرة ميسان في العراق على الحدود مع إيران وقد تم تثبيتها تماماً.

2 – بؤرة شمال الناصرية وهي البؤرة التي تحتاج لتعاون إقليمي، وهي المسبب الرئيس للعواصف الترابية على مجمل دول الخليج

3 – بؤرة جنوب السماوة، وهي الهدف بعيد المدى وتأثيرها أقل من بؤرة الناصرية

4 – الطبيعة الطبوغرافية والرسوبية لجزيرة بوبيان جعلتها من أهم مصادر الغبار في الكويت



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى